(زهرة البنفسج -2-) - للكاتبة: رولا محمد دملخي/من سوريا

"جِئت لأحيا بمجد الحبّ ونور الحسن، كنت أود أن أخفي ودادي لكن الهُيام يفيض من عيناي"


بقيَت صامتة شاردة في العدم أو ربما بعيني لم أتجرأ على النظر لعينيها، فقد خارت قواي وأكاد أسقط أرضًا، لم أستطع تحمّل انتظار جوابها؛ فأطراف قلبي تتآكل مِن شدةِ الخوف خوفي من رفضِها تركتُها وسِرتُ دون وجهةٍ ولا هدف، لم أذهب في اليوم التالي إلى ذلك المكان بل كان عليّ أن أستجمع قواي لخطوةٍ كهذه، و لكن لم أستطع تحمل البُعد ولو ليومٍ واحد، لم تغفى عيني ابداً بتُّ أنتظِر اليوم التالي بفارِغ الصبر 


كم اشتقت لها، منذ لُقياها لم يتجمّل يومي إلا بصبحٍ يبدأ بِشمسٍ تُشرِق من وجنتيها 


ما إن حلّ الصباح أتيتُ لِلمكان المعهود قبل موعد وصولِها، وجلست أتحسس أماكن بصماتِها؛ لعلّ الأمكنةَ سرقت بعض الشذى مِنها خِلسةً وخبأته لأرتوي منه 

حان وقت مجيئها؛ اختبأت خلف الشجرة وانتظرت يومٌ، يومان، خمسة، عشرة 

لم تأتِ 

مازال صوتها يترنّم في ثنايا مسمعي وشوقي لها قد فتّت كل خلايا أضلعي، انتظر كلّ يومٍ على أملِ اللقاء فكلّما هبّت رياح الحنينِ زرعتُ زهرةً بنفسجية علّها تأتي وترى كم شبيهةً لها، ها قد مرّت سنةً كاملة على اختفائها، عاد الربيع ثانيةً وتفتّحت جميع أزهار البنفسج لم يبقَ سواها، ما زلت أعود يومياً لألملم بقايا شتاتي هنا في نفس المكان الذي بعثرتُ كلي فيه ولم أجدني للآن، جلست على الحافة شاردًا هائمًا مشتاقًا؛ رفعت صوتي: "يا عاشِقة الوردِ إن كنتِ على وعدي ... فحبيبك منتظرٌ يا عاشِقة الوردِ .. حيرانُ أينتظِرُ والقلب بهِ ضجرُ" 

باغتني صوتٌ ملائكيّ: 

"ما التلةُ ما القمر ... ما النشوة ما السهر" 

إلتفتُّ بِلهفة كاد خافِقي أن يتوقف من الدهشةِ: 

"نجمٌ في الأفقِ بدا فرِحاً يشدو رغَدا ... اليوم وليس غدا فليصدق من وعدا" 

تجوّلت قليلاً في المكان وأزهارها تلتفت إليها تحسبها شمساً، نظرت لهم: كنت كلّما هاجمني الشوق أزرع واحِدة والآن أجمعتُ كلّ أشباهكِ يا سيّدة الورد

و نطقتْ أخيرًا: كان عليّ أن أفكّر في الأمر، لم يكن هذا سهلاً، إنه يحتاج إلى تفكير طويلاً

 لذا لم آت 

قاطعتها حسناً لا يهم المهِم أنّكِ أتيتِ 

دعني أخمّن أنّك عفوتَ عنّي

أومأتُ رأسي: نعم 

إذن لأُخبِركَ بأنّي عدتُ لأحيا بمجدِ حبّك 

اختطفت القول عنها هيا أصمتي قليلاً ودعيني أسرحُ بكِ فقد اشتاقت إليكِ عيوني يا متعةَ البصرِ .





إرسال تعليق

0 تعليقات